ظلت رابطة أبناء المنخفضات الإرترية تتابع بقلق بالغ التطورات السياسية والعسكرية في شمال إثيوبيا، والتي تركزت بشكل أساسي حول النزاعات الداخلية بين الفاعلين السياسيين في إثيوبيا، وتحديداً حزب الازدهار والجبهة الشعبية لتحرير تجراي، حيث تحولت الخلافات السياسية إلى حرب شاملة بين الجانبين.
كما تتابع الرابطة بامتعاض شديد، تدخل النظام الحاكم في إرتريا كطرف في الحرب الأهلية في إثيوبيا، وإقحام الدولة الإرترية في حرب خارجية لتحقيق نزوات تتعارض مع المصالح العليا للشعب الإرتري، وكنتيجة لتدخل نظام أفورقي في هذه الحرب بشكل غير دستوري وغير قانوني، يدفع الشعب الإرتري ثمنا باهظا من دماء أبنائه ومن كرامته الوطنية، وقد أكدت التقارير الإعلامية الصادرة مؤخرًا وجود أسرى حرب إريتريين محتجزين لدى قوات الجبهة الشعبية لتحرير تجراي. وتكشف روايات الأسرى التي تم تداولها في وسائل التواصل الاجتماعي بأن النظام في إرتريا لم يستثني حتى كبار السن وهم في الستينات من العمر إلى جانب الأطفال القاصرين حيث زج بالجميع في حربه خارج الحدود التي يخوضها في إقليم تجراي.
لقد أجبر النظام الدموي في إريتريا مؤخرًا مواطنين أبرياء على حمل السلاح ودفع بهم دون علمهم ودون إرادتهم إلى خطوط القتال الأمامية ، ويتضح من خلال روايات الأسرى الإرتريين لدى قوات الجبهة الشعبية لتحرير تجراي بأن النظام الإرتري ألقى بهؤلاء الأسرى في أتون الحرب بهدف واضح هو التخلص منهم وإهانتهم أمام الملأ وتعريض حياتهم للخطر بشكل طائش، وتجدر الإشارة إلى أن هذا النظام تسبب في مقتل أطفالهم في حروبه السابقة على مدى العقود الثلاثة الماضية، ولم تتم محاسبته ولا مساءلته عن أرواحهم حتى اليوم، وتؤكد التفاصيل التي رواها الأسرى الإريتريين بأنهم لم يكونوا على علم بالمهمة التي تنتظرهم، ولكنهم اكتشفوا أن النظام الإرتري قد خدعهم بعد وقوعهم أسرى في يد قوات التجراي.
وتدين رابطة أبناء المنخفضات الإرترية بشدة جميع الجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها النظام الإرتري بحق المواطنين العزل، لا سيما الهجمات الليلية على منازل العائلات بهدف التجنيد القسري للفتيات والفتيان القصر وكبار السن، وكذلك الإجراءات التعسفية بمصادرة منازل المواطنين وإغلاق البيوت بالشمع الأحمر وطرد العائلات من منازلها تحت تهديد السلاح انتقاما لعدم امتثال أحد أفراد الأسرة لأوامر الانضمام إلى الحرب في تجراي، وكمسألة مبدأ ندين بنفس القدر جميع الانتهاكات التي ترتكب ضد السكان المدنيين في إقليم تجراي في إثيوبيا.
وتعبر رابطة أبناء المنخفضات الإرترية عن قلقها الشديد من تعرض أسرى الحرب الإريتريين في تجراي للانتهاكات من قبل جميع الأطراف الفاعلة في هذه الحرب، فهم من ناحية أسرى على أيدي قوات الجبهة الشعبية لتحرير تجراي، ومن ناحية أخرى ، هناك أيضًا مخاوف من أنهم قد يقعون أسرى مرة أخرى في أيدي الجيش الإثيوبي، في ظل التطورات العملياتية الأخيرة وتحقيق الجيش الإثيوبي تقدما عملياتيا في مختلف الجبهات، وهذا يعني تسليمهم إلى النظام الإرتري. وإذا حدث ذلك فإنه سيشكل خطرا حقيقيا على حياة هؤلاء الأسرى، خاصة أن بعضهم أدلى بتصريحات حول الوضع المأساوي للشعب الإريتري في ظل نظام أسياس أفورقي داخل إريتريا. مع العلم أن أسرى الحرب الإريتريين هم الطرف الأضعف في الحرب الدائرة في شمال إثيوبيا، ولهذا فإننا ندعو منظمات المجتمع الدولي المعنية بشؤون أسرى الحرب بشكل عام، ومنظمة الصليب والهلال الأحمر الدولية بشكل خاص، للتدخل لإنقاذ حياة هؤلاء الأسرى وضمان الإفراج عنهم من قبل الأطراف التي تحتجزهم وفقًا للمعايير والمواثيق الدولية ذات الصلة.
كما تطالب رابطة أبناء المنخفضات الإرترية قيادة الجبهة الشعبية لتحرير تجراي بأخذ الروايات التي أكدها الأسرى على محمل الجد، بأنهم وجدوا أنفسهم وسط هذه الحرب دون رغبة ودون معرفة، أو تحت تهديد إطلاق النار من قبل عناصر النظام الإرتري. لذلك نناشد قيادة الجبهة الشعبية لتحرير تجراي ممثلة في رئيس حكومة الإقليم الدكتور دبرصيون جبرميكائيل بمعاملة الأسرى من المجندين الإرتريين المحتجزين لديها وفق مقتضيات اتفاقية جنيف لحماية أسرى الحرب وعدم تعريضهم لأي أذى أو انتهاك لحقوقهم وكرامتهم الإنسانية، ويتحقق ذلك من خلال نقلهم بعيدا عن دائرة القتال ومن ثم اتخاذ الترتيبات اللازمة لإطلاق سراحهم بالتعاون مع الجهات الدولية المعنية.
وتؤكد معلوماتنا من داخل إرتريا وجود قوات تابعة للحكومة الإثيوبية داخل الأراضي الإرترية بذريعة تطويق إقليم التجراي من الجانب الإرتري. لذلك ندعو الحكومة الإثيوبية، ممثلة برئيس الوزراء الدكتور أبي أحمد، إلى سحب قواتها فوراً من إرتريا، لأن وجود الجيش الإثيوبي داخل الأراضي الإرترية مخالف للقانون الدولي، كما أنه تواجد غير مرحب به من جانب الشعب الإرتري، وهو ما سيؤجج مشاعر الغبن والاحتقان لدى الشعب الإرتري ويهدم جسور الثقة بين الشعبين الإرتري والإثيوبي، نظرا للتأريخ الحافل بالمذابح والمحارق والانتهاكات التي نفذها الجيش الإثيوبي ضد المدنيين من أبناء الشعب الإرتري في حقبة الاحتلال الإثيوبي المظلمة.
كما تتابع رابطة المنخفضات عن كثب تفاقم الوضع الإنساني والاقتصادي والأمني داخل إرتريا كنتيجة مباشرة للوحشية المتزايدة التي يمارسها نظام أفورقي ضد المجتمع الإرتري ومضاعفة إرهابه ضد السكان بشكل متصاعد وخطير، وذلك بهدف توفير الموارد البشرية لمغامرته العسكرية في تجراي، وتدعو رابطة أبناء المنخفضات الإرترية المجتمع الدولي بشكل عام ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بشكل خاص إلى تكثيف الجهود للضغط على الأطراف المتصارعة للوصول إلى حل سلمي للنزاعات الداخلية والإقليمية في القرن الأفريقي. كما نناشد أطراف محادثات السلام المنعقدة حاليا في جنوب إفريقيا إلى التحلي بالمسؤولية وعدم تفويت فرصة إنهاء الصراع من خلال المفاوضات السلمية.
في الختام، نذكر المجتمع الدولي بمسؤولياته تجاه الانتهاكات المستمرة منذ عقود لحقوق الشعب الإرتري من قبل النظام الاستبدادي الحاكم لإرتريا. ونطالب كل الجهات المحبة للسلام وسيادة القانون واستقرار الشعوب والمجتمعات أن نعمل ما في وسعها من أجل إنهاء حالة القهر والاستبداد في إرتريا. ونعتقد بشكل جازم بأن زوال نظام إسياس أفورقي سيكون بداية جيدة لحل مشاكل التوتر المستمر وعدم الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي، وهو ما يستوجب على المجتمع الدولي والقوى الإقليمية والدولية تقديم الدعم اللازم لقوى المعارضة والمقاومة الإرترية الساعية إلى إحداث تغيير حقيقي في إرتريا لإقامة نظام ديمقراطي يساهم في صناعة السلم والأمن والاستقرار الإقليمي ويحقق الحياة الكريمة للشعب الإرتري بكل مكوناته الاجتماعية والسياسية.
رابطة أبناء المنخفضات الإرترية
الهيئة التنفيذية
مكتب العلاقات الخارجية
fr@munkhafadat.info
27 أكتوبر 2022م