الحسين علي كرار
من الصعب جدا البناء ومن السهل جدا الهدم والدولة الارترية نزعت بدماء غزيرة ومعاناة انسانية كبيرة يجب الحفاظ عليها، ورابطة أبناء المنخفضات أول من يحافظ على وحدتها ، لأن من رفضوا بناءها في بداية إنطلاقة ثورتها من أجل مصالحهم ، هم الذين يعمدون بعد تحريرها لهدمها من أجل ذات المصالح ، كان الإستقواء في السابق بالقوة الأثيوبية ، وبعد التحريرأصبح الإستقواء بإحتكار قوة الدولة ، وفي كلا الوضعين إستبعاد المكون المسلم من المشاركة في القرار ، هروبا من الثقافة الاسلامية واللغة العربية ، وما يرمون إليه تجرنة المسلمين وعدم الإعتراف بثقافتهم ، مع أن اللغة العربية كانت لغة التخاطب بين المسلمين – قبل تكوين الإيطاليين للدولة الارترية بشكلها الجغرافي الحالي – منذ الدولة الأموية والعباسية والعثمانية والايطالية والبريطانية وكان وجودها أصيل في ارتريا ، وفي عهد الإمبراطور هيلي سلاسي ومنغستو هيلي ماريام كان وضع اللغة العربية أفضل بكثير مما هو عليه الآن ، والمنع بطريقة مابشرة وغير مباشرة في التعليم والإعلام والإدارات ، جاء مع الإستقلال ونظام الطائفة الذي قام بإغلاق المعاهد الدينية ، والمدارس العربية ، حتى مدرسة الجالية العربية العريقة في أسمرا وكانت من معالم المدينة ، قاموا بتدميرها بكل حقد ، كما أن لغة التجرنية لم تكن في يوم من الأيام تدرس في مدارس المنخفضات ولم تكن كذلك لغة التخاطب بينهم، ولكن نظام التجرينية الطائفي جعلها بالقوة لغة التخاطب والدراسة بينما شطب العربية وحاربها بكل ما يملك من قوة وأقام على أنقاضها ما يسميه بلغة الأم وهي لهجات القبائل للتشتيت.
وعندما تأسست جبهة التحرير الارترية عام 1961م كان المسلمون مهيئون لإنطلاقتها بسبب المظالم الأثيوبية عليهم ، وفي مقدمتها اللغة العربية التي منعوا دراستها في المدارس الحكومية ، فأساس الصراع ثقافي ديني ، حاول الأثيوبيون أن ينشروا ثقافتهم ، كما يفعل التجرنية المتسّيدون كذلك ، فلا فرق بينهما في طمس هوية المسلمين في ارتريا.
وبإمكاننا تشبيه الثورة الأرترية بصرح شاهق تم بناءه عبر ثلاثون عاما ، وضعت أساسه جبهة التحريرالارترية بالحديد والخرسانة الصلبة القوية الذي شيد فوقه هذا الصرح العظيم ، وواصلت بناءه إلى النصف من الأراضي المحررة ، ثم جاءت الجبهة الشعبية لتكمل النصف الآخر ، و في كل تلك المراحل كانت التضحيات كبيرة ، وعندما إكتمل بناء ه بالتحرير ، كان يجب أن يأخذ مهندسوا التحرير من الجيش والسياسيين مستحقاتهم ، وهو تأريخ الثورة الذي شاركوا في كتابته وهو الأجر المستحق لهم ويتركوا العمل لغيرهم من التخصصات الأخرى ، من الفنيين الذين يعطون هذا المبنى شكله الهندسي الجميل من الداخل والخارج من نقاشة وألوان ، وهو ما يسمي بالتشطيب ليكون تحفة جميلة ، وقابل للسكن والعيش الكريم ، كان يتطلب بعد التحرير أن يأتي أصحاب التخصصات السياسية والقانونية والإدارية والإقتصادية والاجتماعية ليعطوا هذا المبنى شكله الأخير ، ولكن أصاب أفورقي ونظام جماعته الطائفية الإفلاس المادي والفكري وتوقفوا عند إكتمال التشييد ، لأن دخول التخصصات الفنية الأخرى للمبنى كان يعني لهم القضاء على طموح التجرنة والهيمنة الذي أخفوه ، و توقفواعند هذه الحدود ، وتركوا هذا الصرح يتآكل ويتعرى بعوامل الزمن من الداخل والخارج ، خلال الأربعة والعشرون عاما ، وذلك بعد أن زوّروا صك الحيازة ، و سكنوه بدون تشطيب ، و يعيشون فيه بدون خدمات لا سلالم لا مصاعد ، لا مجاري تصريف ،لا مياه شرب ،لا شبكة كهرباء ، ولا وسائل خدمات أخرى تنفعهم ، ولا رئة خارجية يتنفسون عبرها ، أغلقوا الأبواب ، وجعلوه سجنا كبيرا لا يستطيع أحد أن يخرج من هذا المبنى الشاهق القاتم المظلم ، ولا أحد يدخله ، حفاظا على ما يرونه من مكاسب ، فانتشرت الميكروبات داخله وقضت عوامل التعرية الطبيعية عليه من خارجه ، وأصبح طريق الموت إجباري ، إما أن تقضي الأوبئة على ساكنيه ، وإما أن يقفزوا من فتحات الشبابيك والأبواب المهترأة هربا من هذه الأوبئة ، فيفضلوا الانتحار، هكذا قضوا على الدولة الارترية ، من الداخل والخارج ، وإستباحوا فيها أراضي المنخفضات ورفضوا إعاد ة لا جئينها وهم العدد الأكثر بحكم أن معظم ساحة حرب التحرير كانت على أرضهم ، وقاموا مقابل ذلك بسياسة التوطين التي تتبعها إسرائيل في فلسطين بخلق واقع جديد بإنتزاع الأراضي والتهجير وبناء المستوطنات وتغيير المعالم وتسميات المدن والقرى والشوارع وبناء الكنائس في أراضي المسلمين ومنعوهم من بناء المساجد ، فارتريا لم تدخل اطار الدول المستقلة إلا من باب إعتراف المجتمع الدولي بها ، ولكن فعليا لم تقم على أرضها دولة تبحث المصلحة العامة وتبني المؤسسات منذ إستقلالها ، فمحطة البناء توقفت عند العمارة المشيدة ، و أفلس الملاك وتوقف العمل قبل عملية التشيب ، فعرضوها لخياران ، إما للبيع بعودة الأثيوبيين تحت إدعاء إفلاس الدولة وعدم قدرتها ، وهو ما لا يرفضوه في نهاية المطاف وهو كان مطلبهم الأساسي ، والولايات المتحدة صاحبة القرارات في العالم وصاحبة السوابق في أرتريا والتي أتت بهؤلاء إلى السلطة تراقب وليست ببعيدة , وإما أن يقضي عليها الدهر بالتأكل والإنهيار وهو المتبع حاليا ، ما داموا يحصدون منها كل ما يريدون من ثمار ، ونهاية هذا الخيار كذلك سوف لا يكون بعيدا عن الخيار الأول.
رفضوا الانتقال إلى المرحلة الثانية ، وإعتبروا كل المعارضين المطالبين بالحرية والديمقراطية والعدالة وتحديد هوية الدولة ، من جبهات علمانية ودينية ومنظمات مدنية ، وحتى جبهات الإصلاح من داخلهم ، إرهابيين وخونة وعملاء للأخرين ، فقتلوا وسجنوا وعذبوا وشنعوا في وصفهم أمام الأجيال الجديدة حتى لا يقتربوا منهم ، وقاموا بعمليات غسيل الأدمغة للشباب الناشيء عبر الإعلام والتعليم ، الذي استحوذوا عليه ووضعوه في خدمتهم للتزييف والسيطرة ، وبذلك وضعوا الألغام في كل العمارة وأحاطوها بالديناميت ولا يعنيهم في إنهيارها بشيء ، إذا كانت تسبب لهم خسائر في ما كسبوه من الغنائم ، سواء من كان منهم في الحكم أو في المعارضة فالهدف عندهم واحد ، فالتضحية المطلوبة من المسلمين بمنطقهم هذا كبيرة ومكلفة .
ومن هنا يتخوف بعض المتخوفين من إنشاء رابطة المنخفضات ، لأنهم يرون في انشاء ها وضع ديناميت مقابل ، وسيطيح في النهاية بالعمارة بكاملها ، و يرون إما إنتظار الرحمة والبركات من هؤلاء الحكام الطائفيون الذين لا يعرفون الوطنية ومصلحة الوطن ، وإما إنتظار الرحمة والبركات من المعارضة المرهقة المعطوبة التي قتلها قادتها وإبتعدوا بها عن المطالب الحقيقية للمسلمين ، ولا تستطيع أن تفرض شروطها بالقوة المسلحة على نظام الطائفة ، وما يريدونه أن تستمر الأوضاع في وضعها الحالي والقبول بالواقع حتى يأتي الفرج من الله ، وهنا بطريقة غير مباشرة لا تختلف مواقفهم عن أهل الحكم الطائفيون ، والذين وضعوا حساباتهم علي مثل هذه المعادلة عندما عمدوا بمصادرات الدين والثقافة والأراضي و كل الحريات وأنشئوا المقامع ، وعند الضرورة يحركون أجهزتهم ومخابراتهم التي تكتب بأسماءها المستعارة في المواقع الإلكترونية ، و تتحرك المعارضة التابعة لهم أو العفوية ، بكل أنواعها للتشويش ، وتسمع مثل هذا العويل والبكاء بتمزيق الدولة من إنشاء الرابطة ، وقلب الحقائق والتشويه ، و جعلوا من الظالم الضحية ، ومن الضحية الظالم ، وقد أصبح البعض يصفها بأنها ضد مسلمين المرتفعات ، وماذا يملك هؤلاء حتى تكون الرابطة ضدهم ، إن الهدف الأساسي هو المحاولة في تحريف أهدافها ، لأهداف سياسية يريد البعض تحقيقها.
ورابطة أبناء المنخفضات و ميثاقها وما تبعه من التعبئة والإقبال الكبير هو رفض قاطع لكل هذه الممارسات الدكتاتورية الطائفية والتضليل والتدليس والغش وطمس الهويات تحت شعارات التقدمية والعدالة الزائف ، التي يتقمصها النظام ومن تبعه سواء كان من المنخفضات أو المرتفعات ، وواجب الإخوة مسلمين المرتفعات في هذه المرحلة أن يقفوا مع هذه الرابطة لتقويتها والوقوف في وجه النظام الطائفي ، كما وقف مسلمون المرتفعات مع الرابطة الإسلامية لإنتزاع الحقوق ، وذلك بعد فشل الفصائل الإسلامية في توحيد المسلمين ، وعدم إتفاقهم علي كلمة سواء ، لأن قوتها لا تعني ضعفهم ، ونأخذ العبرة الأخيرة من تنظيم جبهة الإنقاذ الذي كان خليط إسلامي مسيحي ومعظم منتسبيه من المرتفعات ، واستمر بقيادة قائده القائد احمد ناصر يرحمه الله ولكن عندما أتيحت لهم أول فرصة لرأسة التنظيم ، ملأ التنظيم الدنيا صراخا وضجيجا بأنه التنظيم الطليعي العلماني الليبرالي الديمقراطي الذي تشمل عضويته الجميع ، وقد لعب دورا كبيرا في مؤتمر أواسا في أثيوبيا في تكوين قيادة المجلس الوطني المشلولة ، وبعد ذلك لعب دورا كبيرا في محاولة حل التحالف الذي يرى المسيحيون في عضويته أكثرية إسلامية ، ولكن هذا الذي تصور نفسه بعبعا وكان يصف نفسه بالوطنية ويصف غيره من الفصائل بالقبليين قد اختفى فجأة لا تعلم هل أكلته الأرض أم صعد إلى السماء ؟ لقد اختفى صوته في غرفة الإنقسامات الطائفية ، لأن إدعاءه كان بخلاف واقعه ، لأن أصابع الطائفيين الذين يتظاهرون بالعلمانية والديمقراطية حتى يتمكنوا ويحققوا هدفهم ، كانت موغلة بعمق في مفاصل التنظيم ، ولما عجزوا أن يأكلوا التحالف عبر الإنقاذ أكلوه طائفيا ، لأنه كان كالأرجوزة في يدهم وحاولوا من خلاله تدمير التحالف ، وقاموا بالحملة الإعلامية القوية لحله بأفواه الآخرين، فإذا تحقق وقتها حلّ التحالف تحت تلك الضغوطات التي مارسوها ، ماذا كان سيصبح مصير المعارضة الضعيفة أصلا ، والغريب أن أحد التنظيمات الإسلامية تورط في مطالب حلّ التحالف وهو يعلم أسباب الإستهداف ، ونجد بعد غرق الإنقاذ في بحر الإنشقاق الطائفية سكتت كل الأقلام التي كانت تصف غيره من التنظيمات والكتاب الذين رفضوا حل التحالف بالقبليين والطائفيين والإقليميين حتى قيادات الفصائل تم إهانتها ووصفت بالعجائز المتمسكين بالسلطة بأسلوب إستفزازي ، وتتكرر نفس النغمات ونفس موجات الإذاعة ، ولكن في لحظة رمشة عين بلع الطائفييون ما كان يوصف بالإنقاذ العلماني ، فاختفى وسقطت كل ملابس الزيف وظهرت حقيقية الطائفيين الذين خذلوا حتى من دافع عنهم زيفا حتى سقوط الأسنان ، كان الصوت الوحيد الذي قال أن الإنقاذ أكل من الطائفيين هو صوت الأستاذ/ عمر محمد أحمد ، الذي قرأ جيدا ما كان يحدث للإنقاذ ، وكتب عدة مقالات بهذا الخصوص ، ولو سألنا لماذا حدث هذا ؟ سنجد أن ما حدث للإٌنقاذ حدث أكثر من مرة ، مع الرابطة الإسلامية ، مع جبهة التحريرالارترية ، مع قوات التحريرالشعبية ، مع الدولة الأرترية ، ومع المعارضة ، وآخرها مع الإنقاذ ، كلها أكلت وبلعت وهناك من لا يعتبر، لأن المسلمين عامة يقدمون عاطفة الوطنية على مصالحهم بعكس هؤلاء الذين يقدمون مصالحهم على الوطنية ، حتى أصبح المسلم اليوم لا يستطيع أن يشرب من كوب ماء إلا بعد إستئذان المسيحي من التجرنية في دولتهم ولو كان وزيرا أو مديرا فإنهم يديرونه بمن هو أدنى منه ، لهذا كله كان قيام رابطة أبناء المنخفضات ، في هذه المرحلة السيئة والتي فشلت فيها فصائل المعارضة ، ضرورة فرضته وقائع هذه الممارسات الطائفية ، لتغيير مسرحية عواطف الوطنية التي لا يحترمونها ويغشون بها الآخرين ، ويصرخ بها الحالمون ، لأن الوطن ليس شركة تحتكره فئة معينة لتحقيق أغراضها الطائفية ، ويجاملها الآخرون على حساب مصالحهم ، فإما يكون الوطن للجميع وإما لا يكون ، و هذه المواقف القوية الواضحة من الرابطة كانت مطلوبة من الفصائل العاجزة.
إن رابطة المنخفضات هي البداية الحقيقية لمرحلة ثورة التحرير الثانية ، وستعبيء هذه الرابطة هذا المجتمع الذي طحنته حرب التحرير وطائفية هؤلاء الحكام طواعية في هذه المرحلة ، إذ العيش بالشكل الحالي هو الذي لا يطاق ، لأن أهل الحكم الطائفي لا يفهموا سياسة المشاركة و الديمقراطية والحرية وأن تكون الدولة للجميع ، وأن يكون القرار السيادي بمشاركة الجميع ، وأن تكون للمسلمين ثقافتهم ، وللمسيحيين ثقافتهم ، لأن موال هذه الأغاني لا يفهمونه لأن أفورقي إحتقر الحريات والديمقراطية في أكثر من مقابلة ، ويسير في برنامحه الطائفي وهذا مفهوم الجميع ولا يختلفون حوله ، لأنهم لا يؤمنون بالقيم والأخلاق والمنطق السليم ، هم يؤمنون بشيء مادي ملموس هو مصلحتهم الملموسة في يدهم ، وهذا تأريخهم سواء كان قبل الثورة ، أو أثنائها ، أو بعد التحرير، فخاطبتهم الرابطة باللغة التي يفهموها وليس بغيرها وهي ( انتم مرتفعات نحن منخفضات ، لا تعرفوننا لا نعرفكم ، عرفتونا عرفناكم ، أنتم مسيحيون نحن مسلمون ، أنتم لكم لغتكم التجرنية ، نحن لنا لغتنا العربية ، أنتم لكم ثقافتكم ، نحن لنا ثقافتنا ، أنتم لكم أرضكم ، نحن لنا أرضنا ، أنتم صخرة موحدة مهما إختلفتم ضدنا ، نحن صخرة موحدة مهما إختلفنا ضدكم ، قبلتم بهذا سنتفق ، رفضتم بهذا سنفترق . ) هذه هي اللغة التي خاطبتهم بها رابطة المنخفضات ليفهموها وهي سياسة الكي بالنار وهي التي استخدمها قائد الرابطة الإسلامية الشيخ ابراهيم سلطان ، الذي أدرك مبكرا عقليتهم التي لا تتجاوب إلا بمثل هذا الخطاب ، ولهذا جاء وقتها الوفاق والمعادلة الصحيحة ، في تقاسم السلطة وتقاسم الثقافة ، وعندما انعدمت مثل هذه اللغة وساد التيهان جاءت الذلة والمسكنة والإهانة والضعف الذي لم يعرفه المسلمون الأرتريون عبر تأريخهم ، وحدث لهم هذا نتيجة عوامل ، الأول :- نظرتهم الشاملة للوطن مقابل نظرة التجرينية القاصرة على مصالحهم منذ حكم البريطانيين بعد الحرب العالمية الثانية.
ثانيا :- إرهاق حرب التحرير لهم لأنهم الذين إكتوت أريافهم ومدنهم بنارهذه الحرب الطويلة وإستنزفتهم منذ بدايتها حتى نهايتها.
ثالثا :- وقوف القوى الغربية سرا وعلانية معهم لتقويتهم وأوصلتهم السلطة ، وعجز الدول العربية والإسلامية في مساندة المسلمين.
والبعض يقارن الرابطة بأحداث مماثلة مضت تختلف في ظروفها لأسباب ، أولها :- أن الرابطة قامت في ظل دولة مستقلة معوقة من فئة مريضة مهيمنة ومتكتلة دينيا وثقافيا وتنتمي لإقليم جغرافي محدد هو المرتفعات ولها سوابق ولا تدرك إلا بمثل هذا الخطاب ، ثانيها :- أنها لم تتأسس بعفوية وإنما نتيجة دراسة اتفق عليها عدد كبير من نخب المنخفضات على مستوى العالم في تأسيسها ، لإنقاذ وحماية إقليم المنخفضات المذبوح من همجية هؤلاء الطائفيون ، وليس كما يصورها البعض محصورة في الدول الغربية ، وكذلك قاعدتها الشعبية الأساسية قافزة في كل دول العالم والشرق الأوسط وداخل ارتريا ، وفي فترة وجيزة ، ولكن الظروف في إعلان المواقف تختلف حسب المناخات السياسية للدول والوضع الداخلي في ارتريا ، ثالثها :- أهل الرابطة دفعوا الثمن الغالي في تحرير ارتريا ودفعوا الثمن الأغلى في مواجهة نظام الطائفة ، فلا يستطيع أحد أن يزايد عليهم بالوطنية فهم الأحرص على الوحدة الوطنية والأيام قادمة بيننا والمتشطرين علينا ، وسنرى طوابير أبناء الكنائس وزياراتهم المكوكية بين روما وواشنطن وأديس أبابا وأسمرا لتحاك المكائد، وكذلك سوف نرى أنشطت جمعيات الإصلاح المسيحية فيما خربه أفورقي بين تجرنية تجراي وتجرنية ارتريا والحنين لأثيوبيا ، وكيف شاهدنا وزير خارجية إيطاليا الأوربية العلمانية ولنعطيها كل ألقاب التقدم والتطور ، ولكنه جاء إلى السودان ليصطحب معه في طائرته من سميت بمريم المرتدة.
رابعها:- أن الرابطة منظمة مدنية وليس لها أجنحة سياسية وعسكرية تنفق عليها ولا تعتمد علي مصادر خارجية، فهي تعتمد على ذاتها باشتراكات وتبرعات أعضائها فلا يراهن أحد على انهيارها.
إن ظهورالرابطة هو بداية حقيقية لمرحلة التحرير الثانية وتأثيرها سيكون واضح ومباشر من أجل الوفاق الوطني الحقيقي وليس الميكياجي السائد الذي تقوده الفصائل ، سواء بالرضا أو بالإكراه، لأن مطالبها واضحة ولا تقبل المساومة ، وأن هذا الزلزال الكبير لا يطالب إلا بالميزان والمكيال والمقياس العادل و بالقسطاس المستقيم ، و من قراءة ميثاقها أقرت أنها تحت مظلة المجلس الوطني مهما كانت عيوبه ، ولم تخرج عن الإجماع الوطني ، و لكنها لا تقبل المساومة فيما تراه من مظالم واقعة وحقوق مفقودة ، ورسالتها لتحقيق ذلك أنها تقوم بجمع وتنظيم وتنوير وتعبئة إقليم جغرافي مطحون ومشتت وغير جاهز وخارج الحكم ، مقابل إقليم جغرافي موحد ومنظم وجاهز وحاكم ، هذا ما طرحه ميثاقها لإعادة التوازن وتقاسم السلطة والحفاظ على الهويات.
وأخيراً أورد ملاحظة عندما تناولت المرتفعات كمسيحية والمنخفضات كإسلامية في المقال أخذت بمفهوم الأكثرية الشامل ، ولا يشمل مسلمي المرتفعات ولا مسيحيي المنخفضات ولهذا وجب التنويه.