ذكرى عيدالإستقلال .. وذاكرة الجراح

كل التهاني والتبريكات لجماهير الشعب الارتري بذكرى عيد الإستقلال المجيد الذي تحقق بعد كفاح مسلح دام ثلاثون عاماً دفع خلالها الشعب الارتري الغالي والنفيس بقيادة البطل الشهيد حامد ادريس عواتي ونفر قليل من رفاقه، ببنادق عتيقة لاتتجاوز عددها اصابع اليد الواحدة مقارنة بجيش الإمبراطور المدجج باحدث الاسلحة، وكان سلاح هؤلاء الابطال الارادة الفولاذية التي ادت الى حشد كافة الارتريين للانحياز للنضال قهروا فيها جيوش الامبراطور ومن بعده جيش منقستو، إلا أن الفرحة والإبتهاج بتحقيق الاستقلال جاءت منقوصة، حيث إن ماأنجز كان هو تحرير الارض دون تحرير الانسان، الذي ظل يعاني من ويلات نظام الهيمنة القومية منذ فجر الاستقلال، الذي مهره شهدائنا الابرار بدماء وتضحيات جسام مسجلين ملاحم بطولية نادرة.

وبجرد سريع لذاكرة أحزان الشعب الإرتري تحت حكم نظام الهيمنة القومية نجد أن حصيلة الثمانية والعشرون عاماً من التحرير هي جملة من الإنتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان الإرتري في شتى مناحي الحياة، من رفض عودة اللاجئين، انتهاك ملكية الارض من خلال الاستيطان، تعطيل اقتصاد البلد ونهب ثرواته، اعمال السخرة للشباب من الجنسين تحت مبرر الخدمة الوطنية الممتدة دون سقف زمني، سوء ادارة العملية التعليمية، انعدام الحريات، ومنع الصحافة الحرة، بناء السجون واستهداف المعلمين ورجال الدين، والتهجير الذي تسبب في جرائم الاتجار بالبشر، والموت في البحار والمحيطات والصحارى، اهانة الشعب، تعثر الاقتصاد، افتعال الحروب مع جميع دول الجوار واخرها الحرب الاثيوبية المدمرة.

وأمام هذا الكم الهائل من الإنتهاكات والإمتهان المزري لحرية وكرامة الإنسان الإرتري من قبل نظام الهيمنة، نرى بأن المخرج الوحيد الكفيل بوضع حد لهذا الواقع الكارثي، هو التوافق بين مختلف مكونات الشعب الارتري على كيفية ادارة تعدده وتنوعه، باعتبار أنه السبيل الأوحد لتحقيق العدالة والمساواة الإجتماعية بين مكونات التعدد من اجل بناء وطن يسع الجميع، حتى لا تتكرر التجربة بمسيات مختلفة، على غرار مانشاهده من محاولات جري لاهثة تسعى لاستنساخ تجارب الماضي الأليم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *