قضايا الوطن.. وسياسة التعاطي بالتجزئة

يبدو جليا بأن سياسة التعاطي مع قضايا الوطن منذ بدايات التشكل الأولى للكيان الارتري لتحقيق الاهداف مبنية على الاجتزاء، بمبدأ رزق اليوم باليوم، ويتضح هذا بشكل جلي من متابعة مسيرة النضال الارتري ونتائجه المتعثرة على أرض الواقع :
1) في اربعينيات القرن الماضي أتيحت للشعب الارتري فرصة تقرير مصيره، التي تباينت حولها الخيارات بتنوع المكونات الإرترية واختلاف مصالحها، وكانت نتيجتها الاتحاد الفيدرالي تحت التاج الاثيوبي لمدة 10 سنوات على امل تحديد المستقبل بعدها، الا أن محصلتها كانت الاندماج الكامل.
2) في نهايات الخمسينيات تأسست حركة تحرير إرتريا، ثم جبهة التحرير الارترية في مطلع الستينيات، وذلك لتحقيق الاستقلال، على امل ان يتم النظر في بقية القضايا بعد تحقيق الهدف.
3) تحقق الهدف بتحرير التراب الارتري في مطلع التسعينيات، وتم التركيز بعدها على تفويض الجبهة الشعبية – التي تحمل مشروع الهيمنة القومية – بقيادة الوطن، حيث تم التصويت ببطاقة عضويتها تحت ذريعة اعطاء هذا الأمر الاولوية لانجاز الشرعية الدولية، ومرة أخرى ادى هذا التعامل التأجيلي الى تنفيذ مشروع الهيمنة القومية الذي تم تلخيصه في مقالنا السابق تحت عنوان “جدلية التغيير .. وانسداد أفق النظام الارتري” http://www.munkhafadat.com/arabic
4) والآن ينصب تركيز الكثير من القوى الارترية المعارضة على اسقاط النظام وتأجيل كل القضايا الى ما بعد اسقاطه، على غرار عقلية التعاطي السابقة. يتم هذا بوعي كامل من فصائل المعارضة التي تنتمي لنفس مكون النظام باعتبار ان ما تحقق لمكونهم من مكاسب لا يجب ان يمس، مختذلين الاشكال في رأس النظام كشخص ومن حوله من سدنة. إلا أن البعض الآخر من فصائل المعارضة يتبنون ذلك امعانا في نفس فكرة رزق اليوم باليوم على امل ان تحل القضايا بعد زوال النظام !! ليس هذا فحسب، بل يصفون النضال من اجل إيجاد حل جذري لازمة ارتريا ب “دون الوطنية، القبلية، الإقليمية، العنصرية، وغيرها من الاكليشهات المعهودة في ثقافة المعارضة التي يطلقونها دون التمعن في مدى مطابقتها للواقع وصوابيتها، ودون تقديم حلول بديلة تعنى بمصالح المكونات وحقوقها على أرض الواقع المأزوم جراء سياسة الهيمنة القومية.
عليه فان رابطة ابناء المنخفضات الارترية ترى طرح القضايا كما هي بكليتها دون تجزئة، والاتفاق حولها وتحديد كيفية ادارة التنوع في ارتريا ما بعد التغيير، من نظام حكم، وعدالة توزيع السلطة والثروة. لذلك تقدمت بمبادرة العقد الاجتماعي:
http://www.munkhafadat.com/arabic/wp-content/uploads/2017/04/mubadara-1.pdf
ان التجربة وما يصاحبها من فشل في تجارب الشعوب هو أمر مفهوم تحكمه معطيات الواقع، الا ان تكرار نفس التجارب وتوقع نتائج مختلفة هو ما يعتبر غريبا وغير مبرر.
هذا مع تقديرنا واحترامنا للنضالات التي قام بها شعبنا من اجل الوطن منذ الاربعينيات وحتى الآن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *